تجد شركة إفريقيا للمحروقات، التابعة لمجموعة أكوا المملوكة لعائلتي أخنوش وواكريم، نفسها في قلب سلسلة متواصلة من النزاعات القضائية مع عدد من مالكي محطات الوقود التي تشتغل تحت علامتها التجارية بمختلف المدن المغربية. نزاعات تتجاوز الطابع التجاري البسيط، لتلامس قضايا تتعلق بجودة المحروقات، وكميات التزويد، وبنود الحصرية، واحترام الالتزامات التعاقدية.
وتُظهر المعطيات المتداولة أن جوهر هذه الخلافات يتمحور حول اتهامات متبادلة؛ إذ تتهم الشركة بعض أصحاب المحطات بالتزود من مصادر خارج القنوات الرسمية، سواء من السوق السوداء أو من منافسين مباشرين، في خرق صريح لبنود الحصرية المنصوص عليها في العقود. كما تشير الشركة إلى أن تسويق محروقات غير خاضعة لمعايير الجودة والمراقبة ألحق ضررًا بسمعتها التجارية وأساء إلى صورتها لدى المستهلكين.
في المقابل، لجأت شركة إفريقيا في عدد من هذه الملفات إلى المطالبة بتعويضات مالية وُصفت بالكبيرة، معتمدة على خبرات تقنية وقانونية لتقدير حجم الأضرار المفترضة. غير أن هذا التوجه، وإن كان يندرج ضمن استراتيجية فرض الانضباط التعاقدي، أفرز بدوره تعقيدات قانونية زادت من حدة التوتر بين الشركة وشركائها المحليين، وعمّقت أزمة الثقة داخل شبكة التوزيع.
وتبرز إشكالية أخرى لا تقل تعقيدًا، تتعلق بتفسير بنود العقود وآليات فسخها. فبعض النزاعات انطلقت من خلافات حول ما إذا كان استمرار التزود بالمحروقات بعد توجيه إشعار بالفسخ يشكل تجديدًا ضمنيًا للعقد، أم مجرد مرحلة انتقالية، وهو ما فتح الباب أمام قراءات قانونية متباينة أطالت أمد التقاضي.
وعلى مستوى الإثبات، كشفت بعض الأحكام القضائية عن ثغرات في الملف المحاسبي للشركة، حيث اعتبرت محاكم أن الوثائق المقدمة لم تكن دائمًا مكتملة أو منظمة بالشكل الكافي لإثبات حجم الضرر بدقة. كما رأت في بعض الحالات أن الخبرات المنجزة، رغم تفصيلها لموضوع النزاع، لا ترقى إلى مستوى الدليل الحاسم، ما أضعف موقف الشركة في عدد من القضايا.
وفي ظل استمرار هذه النزاعات، تبدو شركة إفريقيا للمحروقات مقبلة على مرحلة قانونية معقدة، قد تؤثر ليس فقط على علاقاتها التعاقدية، بل أيضًا على صورتها داخل سوق المحروقات الوطنية. كما يطرح هذا الوضع تساؤلات أوسع حول تضارب المصالح المرتبط باستثمارات عائلة أخنوش في قطاع حيوي يرتبط بشكل مباشر بالصفقات العمومية وتزويد المؤسسات العمومية بالوقود.
ويزداد الجدل حدة أمام ما يعتبره متابعون صمتًا رسميًا تجاه نزاعات قد تكون لها انعكاسات على المال العام وتنظيم السوق، في وقت يستمر فيه التقاضي وتتشعب تداعياته الاقتصادية والقانونية، ما يضع قطاع المحروقات أمام اختبارات حقيقية في الشفافية والحكامة.
