مع اقتراب احتفالات رأس السنة 2026، تشهد مدينة سبتة المحتلة حالة من اليقظة الأمنية المعززة، حيث يواصل الحرس المدني الإسباني تعزيز انتشاره البري والبحري لحماية الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي. يأتي هذا الاستعداد في سياق تصاعد محاولات الهجرة غير النظامية عبر السباحة من السواحل المغربية المجاورة، مما يفرض تحديات أمنية وإنسانية معقدة على السلطات الإسبانية، خاصة في ظل الظروف الجوية الشتوية القاسية.
السياق العام للضغط المستمر على الحدود
شهدت سنة 2025 ضغطًا هجريًا قياسيًا على سبتة، حيث سجلت منظمات حقوقية مثل "كاميناندو فرونتراس" وفاة ما لا يقل عن 44 شخصًا أثناء محاولات العبور سباحة، مع تقارير تشير إلى أكثر من 139 ضحية في بعض الإحصاءات الشاملة للمنطقة. هذه الأرقام تعكس الخطورة المتزايدة للطريق البحري، حيث يواجه المهاجرون تيارات قوية وبحرًا باردًا، مما يجعل كل محاولة مقامرة بحياتهم. ومع ذلك، يستمر الشبان، غالبًا من الجنسية المغربية أو من دول إفريقيا جنوب الصحراء، في المخاطرة بحثًا عن فرص أفضل في أوروبا.
تعزيز الانتشار الأمني والبحري
أفادت تقارير ميدانية، مستندة إلى مصادر إسبانية موثوقة مثل صحيفة "إلفارو دي سبتة"، بأن الحرس المدني قد زاد من موارده البشرية واللوجستية بشكل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة. تم تعزيز الدوريات البرية على امتداد الشريط الساحلي، مع نشر وحدات بحرية متخصصة لمراقبة المياه الإقليمية بشكل مستمر. يُتوقع أن تتكثف محاولات العبور خلال فترة الأعياد، حيث يعتقد بعض المهاجرين أن اليقظة الأمنية قد تنخفض بسبب الاحتفالات.

تعمل هذه الوحدات في ظروف صعبة، مع تسجيل تدخلات يومية لإنقاذ أشخاص من عرض البحر، غالبًا في حالات صحية حرجة بسبب انخفاض درجات الحرارة والإرهاق. رغم الإمكانيات المحدودة، يظل الحرس المدني ملتزمًا بمهام الإنقاذ الإنساني إلى جانب حماية الحدود.
النقاط الحرجة والتحديات الميدانية
تتركز المحاولات في مناطق جغرافية محددة عالية المخاطر، مثل حاجز تراخال الصخري، منطقة "الريسينتو"، وسواحل ألمدرابة وحي خوان الثالث والعشرين. في هذه النقاط، تقوم الخدمة البحرية بجولات دورية مكثفة للكشف المبكر عن المهاجرين وإنقاذهم. ينجح بعضهم في الوصول إلى الشواطئ والهروب نحو الأحياء السكنية، بينما يتم اعتراض آخرين بواسطة الدوريات البرية. يعمل مركز العمليات والوحدات الليلية في حالة تأهب دائمة، مما يبرز الجهود المتواصلة لمواجهة هذه الظاهرة المعقدة.
التعتيم الإعلامي والأرقام غير الرسمية
رغم أن 2025 كانت سنة قياسية في عدد المحاولات والاستمراريتها، إلا أن وزارة الداخلية الإسبانية تكتفي بنشر الأرقام الرسمية للدخول الناجح فقط، متجاهلة آلاف عمليات الإنقاذ والإعادة. يرى مراقبون أن هذا النهج يخفي الواقع الكامل، مما يزيد العبء على الحرس المدني الذي يتحمل مسؤولية إنقاذ الأرواح دون الاعتراف الكافي بحجم التحدي. في الوقت نفسه، تُعلن الحكومة عن استثمارات كبيرة في تأمين الحدود، لكن التطبيق الميداني يظل يواجه انتقادات بسبب النقص في الموارد.
التحديات الإنسانية والحاجة إلى حلول شاملة
تمثل ظاهرة "السباحين" تحديًا مزدوجًا: أمنيًا يتعلق بحماية الحدود الأوروبية، وإنسانيًا يركز على إنقاذ الأرواح في ظروف قاسية. مع استمرار الضغوط الاقتصادية والاجتماعية في المناطق المجاورة، من المتوقع استمرار هذه المحاولات، مما يستدعي تعاونًا دوليًا أعمق لمعالجة الأسباب الجذرية، بما في ذلك التنمية الاقتصادية والحوار الثنائي بين إسبانيا والمغرب.
في الختام، يعكس الاستنفار الأمني في سبتة التوتر المستمر على هذه الحدود الحساسة، حيث يلتقي الالتزام بإنفاذ القانون بالواجب الإنساني في مواجهة تدفقات الهجرة غير النظامية، مع أمل في عام جديد يحمل حلولاً أكثر استدامة.
