شهدت دولة بنين في غرب أفريقيا، يوم الأحد 7 ديسمبر 2025، تطورات دراماتيكية هزّت المنطقة، عقب هجوم مسلح على قصر الرئاسة في بورو نوفو، العاصمة الإدارية، وإعلان مجموعة من الجنود على التلفزيون الوطني إقالة الرئيس باتريس تالون، تعليق الدستور، حل المؤسسات الدستورية، وقف أنشطة الأحزاب السياسية، وإغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية "حتى إشعار آخر". جاء هذا الإعلان بعد ساعات من إطلاق نار متفرق في كوتونو، المدينة التجارية، مما أثار ذعرًا عامًا ودوريات عسكرية مكثفة. لكن بعد 12 ساعة، أعلن تالون عبر التلفزيون نفسه أن "الوضع تحت السيطرة تمامًا"، مُؤَكِّدًاْ إحباط المحاولة بدعم من نيجيريا وECOWAS، ووعدًا بـ"عقاب الخائنين".
الإعلان العسكري: "لجنة عسكرية لإعادة التأسيس"
في وقت مبكر، ظهر 8 ضباط عسكريين، يقودهم الملازم العقيد باسكال تيغري، على شاشة التلفزيون الرسمي، معلنين تشكيل "لجنة عسكرية لإعادة التأسيس"، وإقالة تالون (67 عامًا، في السلطة منذ 2016) بسبب "تدهور الأمن في الشمال" و"إهمال الجنود الشهداء وعائلاتهم". أعلنوا حل جميع المؤسسات، وقف الأحزاب، وإغلاق الحدود دون تحديد مدة، مما أدى إلى إغلاق الشوارع في كوتونو وسط أصوات هليكوبتر وإطلاق نار متفرق. كانت بنين تستعد لانتخابات رئاسية في أبريل 2026، نهاية ولاية تالون الثانية، التي شهدت نموًا اقتصاديًا لكنها واجهت انتقادات بسبب قمع المعارضة وتعديل الدستور لتمديد الفترة.
الحكومة تُؤَكِّدْ السيطرة: "مجموعة صغيرة من المتمردين" واعتقال 14
بعد ساعات، أعلن وزير الداخلية الحسان سيدو في فيديو على فيسبوك أن "مجموعة صغيرة من الجنود أطلقت تمردًا لزعزعة الاستقرار"، لكن "القوات المسلحة أحبطت المحاولة"، مُؤَكِّدًاْ أن الوضع تحت السيطرة. أضاف الرئيس تالون في بيان تلفزيوني مساءً: "أؤكد لكم أن الوضع تحت السيطرة تمامًا، وأدعوكم إلى ممارسة أعمالكم بسلام هذا المساء. سيحافظ على الأمن والنظام العام في كل أنحاء البلاد"، مشيرًا إلى أن "هذا العمل الغادر لن يمر دون عقاب". أعرب عن تعازيه للضحايا، دون تحديد أعداد القتلى أو المحتجزين، وأشاد بـ"ولاء الجيش الكبير".
أعلن المتحدث الحكومي ويلفريد ليندر هوونغبيدجي اعتقال 14 شخصًا متورطًا، بينهم 12 اقتحموا التلفزيون الوطني، بما في ذلك جندي سابق طُرِدْ. أكد وزير الخارجية أوليشيجون أدجادي باكاري لرويترز أن "جزء كبير من الجيش موالٍ للدولة"، وأن الوضع "تحت السيطرة". أُعِيدَْ السيطرة على التلفزيون، وأُغْلِقَتْ الحدود مؤقتًا، مع نشر دوريات في كوتونو.
الدعم الإقليمي: نيجيريا تضرب أهدافًا وECOWAS تُنْشِرْ قوات
لعبت نيجيريا دورًا حاسمًا، حيث أرسلت طائرات مقاتلة للسيطرة على المجال الجوي البنيني، ونفذت ضربات على أهداف في بنين بالتنسيق مع السلطات المحلية، كما أكد المتحدث باسم القوات الجوية إيهيمن إيجودامي: "القوات الجوية النيجيرية نفذت عمليات في بنين بما يتماشى مع بروتوكولات ECOWAS والقوة الاحتياطية الإقليمية، لتأكيد التزام نيجيريا بالأمن الإقليمي". لم يُوَضَّحْ طبيعة الأهداف، لكنها ساعدت في إعادة السيطرة على التلفزيون والمعسكر العسكري.
أما المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS)، فقد أمرت بنشر قوات احتياطية فوريًا من نيجيريا وسيراليون وساحل العاج وغانا، مُدَانَةْ التمرد كـ"تهديد للديمقراطية"، ومُؤَكِّدَةْ دعمها لتالون. هذا الدعم يأتي في سياق انقلابات متتالية في المنطقة: النيجر، بوركينا فاسو، مالي، غينيا، وغينيا بيساو في نوفمبر 2025، مما يُزِيدْ التوترات الأمنية في الشمال البنيني، حيث يهاجم الجهاديون المرتبطون بداعش والقاعدة من النيجر وبوركينا فاسو.
أدان الاتحاد الأفريقي (AU) المحاولة "بشدة"، مُؤَكِّدًاْ دعمه لتالون واستعداده للمساعدة في الاستقرار. كانت بنين مستقرة نسبيًا منذ انقلاب 1972، وشهدت نموًا اقتصاديًا تحت تالون، لكنها واجهت انتقادات بسبب قمع المعارضة وتعديل الدستور. الانتخابات الرئاسية في أبريل 2026 كانت تُتَوَقَّعْ أن تُنْهِيْ ولايته، لكن المرشح المعارض رينود أغبودجو رُفِضْ لعدم كفاية الرعاة.
هذه المحاولة، التي استمرت ساعات قليلة، تُعَدُُّ تذكيرًا بضعف الديمقراطيات في غرب أفريقيا، حيث أدى التوتر الأمني إلى شكاوى الجنود، مُذَكِّرَةْ بأن الاستقرار الإقليمي هش، وأن ECOWAS تواجه تحديًا في منع "الانزلاق نحو الفوضى".
