انهيار منصة “SMG” يفضح وهم الربح السريع ويخلّف ضحايا بالمئات في المغرب

تحوّل حلم تحقيق دخل سريع لدى مئات المغاربة إلى كابوس مالي، عقب الانهيار المفاجئ لمنصة رقمية مشبوهة تحمل اسم “SMG”، والتي اختفت دون سابق إنذار، مخلفة وراءها عشرات الضحايا وخسائر مالية متفاوتة، وصلت في بعض الحالات إلى مدخرات عمر كاملة.

المنصة كانت تروّج لنفسها باعتبارها “فرصة عمل رقمية سهلة”، تقوم على تنفيذ مهام بسيطة مثل مشاهدة الإعلانات أو التفاعل مع روابط إلكترونية، مقابل أرباح يومية مغرية. غير أن هذا النموذج لم يكن سوى نسخة كلاسيكية من عمليات النصب المعروفة بنظام “بونزي”، حيث تُدفع أرباح المشتركين الأوائل من أموال المنخرطين الجدد، إلى أن ينهار الهرم ويختفي القائمون عليه.

تسويق ذكي ووهم الأرباح المضمونة

لم تكتفِ “SMG” بالإعلانات الرقمية لاستقطاب الضحايا، بل اعتمدت بشكل مكثف على نظام الإحالات، الذي حوّل المشتركين أنفسهم إلى مسوّقين، مقابل عمولات إضافية عن كل من يتم جلبه. هذا الأسلوب ساهم في انتشار المنصة بسرعة داخل الأحياء والعائلات ومجموعات التواصل الاجتماعي، مستغلًا علاقات الثقة بين الأفراد.

وزادت خطورة العملية عندما لجأ القائمون على المنصة إلى خطوات غير معتادة في مثل هذه الأنشطة الاحتيالية، عبر فتح مكاتب فعلية في بعض المدن، وتنظيم لقاءات ترويجية واحتفالات استعراضية للحديث عن “نجاحات” و”عوائد مضمونة”، في محاولة لإضفاء طابع قانوني ومؤسساتي على نشاط يفتقر لأي ترخيص رسمي.

اختفاء مفاجئ ومؤشرات على الهروب

مع اقتراب نهاية سنة 2025، بدأت مؤشرات الانهيار تظهر، بعدما شرعت المنصة في التماطل في صرف الأرباح، قبل أن تختفي بشكل كامل. أُغلقت المواقع الإلكترونية، حُذفت مجموعات “واتساب” و”تلغرام”، وتوارت حسابات المسيرين عن الأنظار، دون أي توضيح أو إشعار مسبق.

بالتزامن مع ذلك، سارع عدد من المروجين المعروفين على تطبيق “تيك توك” إلى حذف مقاطع الفيديو التي سبق أن مجّدوا فيها المنصة، في محاولة واضحة للتنصل من أي مسؤولية أخلاقية أو قانونية.

تحويلات بنكية قد تقود إلى المتورطين

انتقل الضحايا من مرحلة الصدمة إلى التحرك، حيث بدأوا في تجميع الأدلة والوثائق، خصوصًا نسخ التحويلات البنكية والإيصالات المالية، التي تشير إلى حسابات محددة داخل بنوك مغربية. وتتركز الشبهات حول شخص يُشتبه في كونه حلقة أساسية في تجميع الأموال، ما قد يسهل على الجهات المختصة تتبع مسار الأموال وتفكيك الشبكة المحتملة.

تبعات قانونية مرتقبة

من الناحية القانونية، يواجه المتورطون في هذا الملف خطر المتابعة بتهم النصب والاحتيال، وهي جرائم يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي بعقوبات قد تصل إلى خمس سنوات حبسًا، مع إمكانية تشديدها في حال ثبوت وجود تنظيم إجرامي واستعمال أساليب تضليل ممنهجة.

ودعا مختصون الضحايا إلى الإسراع بتقديم شكايات رسمية لدى المصالح الأمنية المختصة، وعلى رأسها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، مع إرفاق الشكايات بكل ما يثبت التحويلات والمعاملات الرقمية، قبل ضياع المعطيات التقنية الضرورية للتحقيق.

درس قاسٍ في زمن الاحتيال الرقمي

تعيد قضية “SMG” تسليط الضوء على خطورة الانسياق وراء وعود الربح السريع، وتؤكد أن المنصات غير المرخصة، مهما بدت مقنعة ومنظمة، تظل فخاخًا رقمية تهدد الاستقرار المالي للأفراد، في زمن بات فيه الاحتيال أكثر احترافًا وقدرة على التمويه. 

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة