تكميم أفواه "الخُضر" في الرباط: كواليس توبيخ عيسى ماندي بعد إشادته بتنظيم المغرب لـ"الكان 2025"

مرة أخرى، تفرض الحسابات السياسية الضيقة ظلالها على الملاعب القارية، محولةً شهادات التقدير الرياضية إلى "أزمات دبلوماسية" خلف الكواليس. فقد كشفت مصادر متطابقة عن تعرض الدولي الجزائري عيسى ماندي لتوبيخ شديد من قِبل مسؤولين داخل بعثة المنتخب الجزائري المشاركة في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2025 بالمغرب، والسبب: "قول الحقيقة" والإشادة بجودة التنظيم المغربي.

شهادة احترافية في مرمى النيران خلال المؤتمر الصحفي الذي سبقت مواجهة "الخُضر" أمام بوركينا فاسو، تحدث مدافع فياريال الإسباني بلغة المحترف الذي لا يرى سوى ما هو ملموس، معبراً عن انبهاره بجودة الملاعب، والظروف اللوجستية، وأرضيات الميادين التي وصفها بـ"الممتازة". غير أن هذا الخطاب الواقعي، الذي يفترض أن يكون شهادة فخر للقارة السمراء، قوبل بـ"فيتو" سياسي من داخل معسكر المنتخب، حيث اعتبرت جهات في البعثة أن تصريحاته تجاوزت "الخطوط الحمراء" غير المكتوبة.

تسييس الرياضة وتكميم الأفواه يبدو أن جريمة ماندي في نظر هؤلاء المسؤولين هي كسر "جدار الصمت" المفروض على كل ما هو مغربي. فبدل التركيز على الشأن الرياضي، تم التنبيه على اللاعب بضرورة "الانضباط" في الخطاب وتجنب الإشادة بالمنشآت المغربية، في مشهد يكرس منطق تكميم الأفواه وإقحام الصراعات السياسية في فضاءات "الروح الرياضية".

واقع لا يحجبه التعتيم شهادة ماندي لم تكن نشازاً، بل جاءت لتنضم إلى جوقة الإشادات الدولية والقارية التي تتقاطر على المملكة منذ انطلاق البطولة. فقوله: "الأمور منظمة بشكل احترافية ولا يوجد ما يمكن انتقاده"، هو توصيف تقني يشترك فيه معظم اللاعبين والمدربين المشاركين، مما يجعل من محاولة توبيخه "محاولة يائسة" لحجب شمس الحقيقة بغربال التعتيم السياسي.

علامات استفهام يطرح هذا السلوك تساؤلات جوهرية حول الجدوى من استمرار هذا المناخ العدائي داخل أروقة الرياضة؛ فإذا كان الاعتراف بجودة "عشب ملعب" يثير الرعب لدى البعض، فكيف يمكن بناء روح رياضية إفريقية جامعة؟ إن توبيخ لاعب بقيمة عيسى ماندي لا يسيء للمغرب، بل يعكس أزمة عميقة في تدبير الشأن الرياضي لدى الجهات التي ترى في "الصدق" خرقاً للتعليمات.

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة