"مفارقة المطر والغلاء": لماذا ارتفعت أسعار الخضر في المغرب رغم التساقطات الأخيرة؟

في الوقت الذي استبشر فيه المغاربة خيراً بالتساقطات المطرية الأخيرة التي شهدتها المملكة، سادت حالة من الإرباك والاندهاش في الأسواق الوطنية إثر موجة ارتفاع لافتة في أسعار الخضر الأساسية. هذه "المفارقة" بين جود السماء وغلاء الأرض أصبحت حديث الساعة، مخلفةً وراءها تساؤلات ملحة حول آليات ضبط السوق وحماية المستهلك.

الواقع الميداني: لهيب في الأسواق الشعبية

لم يعد الغلاء حبيس تقارير الأرقام، بل بات واقعاً ملموساً في محلات التقسيط والأسواق الأسبوعية بالمدن الكبرى كـ الرباط، الدار البيضاء، ومراكش. وسجلت أسعار مواد حيوية مثل الطماطم، البطاطس، والجزر زيادات متتالية، ما جعل ملء "قفة" الأسرة المغربية تحدياً يومياً حقيقياً، خاصة بالنسبة للطبقات المتوسطة والهشة التي تعاني أصلاً من ضغوط اقتصادية واجتماعية متراكمة.

لماذا ارتفعت الأسعار رغم الأمطار؟

يرى المهنيون والخبراء في القطاع الفلاحي أن هذا الارتفاع ليس نتاج "ندرة" بقدر ما هو نتاج ظروف لوجستية ومناخية آنية، وتتلخص الأسباب في:

  • تعثر عمليات الجني: تمنع الأمطار الغزيرة العمال من دخول الضيعات الفلاحية، مما يؤدي إلى تراجع الكميات المحصودة يومياً.

  • صعوبات النقل: تسببت الأجواء الممطرة في بعض المناطق في اضطراب حركة الشاحنات، مما أخر وصول المنتجات إلى أسواق الجملة.

  • اختلال العرض والطلب: في ظل تراجع الكميات الوافدة على الأسواق وبقاء الطلب مرتفعاً، كان من الطبيعي أن تتجه منحنيات الأسعار نحو الصعود.

تأثيرات مباشرة على القدرة الشرائية

أكد مواطنون في استطلاعات رأي ميدانية أن القدرة الشرائية لم تعد تتحمل هذه القفزات الفجائية، حيث انتقلت أسعار بعض الأصناف من مستويات معقولة إلى أرقام ترهق الميزانية الشهرية. كما أن انتقال العدوى من أسواق الجملة إلى بائعي التقسيط في الأحياء الشعبية زاد من حدة الاحتقان الصامت لدى الأسر.

مطالب بالتدخل العاجل

أمام هذا الوضع، تعالت أصوات الفاعلين المهنيين وجمعيات حماية المستهلك بضرورة التدخل العاجل من قبل لجان المراقبة والجهات المعنية. وتتركز المطالب حول:

  1. تشديد الرقابة: لمحاربة المضاربات والوساطة غير المشروعة التي ترفع السعر النهائي بشكل غير مبرر.

  2. استباقية الأزمات: وضع خطط لضمان انسيابية التزويد حتى في أصعب الظروف المناخية.

  3. دعم الاستقرار: ضمان عدم استغلال التقلبات الجوية لفرض سياسة "الأمر الواقع" على المستهلك البسيط.

يبقى الأمل معلقاً على استمرار التساقطات التي ستساهم على المدى المتوسط في خفض تكاليف الإنتاج ووفرة العرض، لكن يظل السؤال القائم: إلى متى سيظل المواطن المغربي رهيناً لاضطرابات سلاسل التوزيع في كل مرة يهطل فيها المطر؟

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة